سورة المؤمنون - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


{وَلَوِ اتبع الحق} أي الله {أَهْوَاءضهُمْ} فيما يعتقدون من الآلهة {لَفَسَدَتِ السماوات والأرض} كما قال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] {وَمَن فِيهِنَّ} خص العقلاء بالذكر لأن غيرهم تبع {بَلْ أتيناهم بِذِكْرِهِمْ} بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو شرفهم لأن الرسول منهم والقرآن بلغتهم، أو بالذكر الذي كانوا يتمنونه {وَيَقُولونَ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ الاولين} [الصافات: 168] الآية. {فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ} بسوء اختيارهم {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ} حجازي وبصري وعاصم، {خرجا فخرج} شامي، {خراجا فخراج} علي وحمزة، وهو ما تخرجه إلى الإمام من زكاة أرضك وإلى كل عامل من أجرته وجعله، والخرج أخص من الخراج تقول (خراج القرية وخرج الكوفة) فزيادة اللفظ لزيادة المعنى ولذا حسنت لقراءة الأولى يعني أم تسألهم على هدايتك لهم قليلاً من عطاء الخلق فالكثير من الخالق خير {وَهُوَ خَيْرُ الرازقين} أفضل المعطين {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} وهو دين الإسلام فحقيق أن يستجيبوا لك.
{وَإِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة عَنِ الصراط لناكبون} لعادلون عن هذا الصراط المذكور وهو الصراط المستقيم {وَلَوْ رحمناهم وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ} لما أخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز «جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال: بلى فقال: قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت الآية» والمعنى لو كشف الله عنهم هذا الضر وهو القحط الذي أصابهم برحمته لهم ووجدوا الخصب {لَّلَجُّواْ} أي لتمادوا {فِي طغيانهم يَعْمَهُونَ} يترددون يعني لعادوا إلى ما كانوا عليه من الاستكبار وعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ولذهب عنهم هذا التملق بين يديه.


{وَلَقَدْ أخذناهم بالعذاب فَمَا استكانوا لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} استشهد على ذلك بأنا أخذناهم أولاً بالسيوف وبما جرى عليهم يوم بدر من قتل صناديدهم وأسرهم، فما وجدت بعد ذلك منهم استكانة أي خضوع ولا تضرع. وقوله {وما يتضرعون} عبارة عن دوام حالهم أي وهم على ذلك بعد ولذا لم يقل وما تضرعوا. ووزن استكان استفعل من الكون أي انتقل من كون إلى كون كما قيل {استحال} إذا انتقل من حال إلى حال.
{حتى إِذَا فَتَحْنَا} {فتّحنا} يزيد {عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ} أي باب الجوع الذي هو أشد من الأسر والقتل {إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} متحيرون آيسون من كل خير. وجاء أعتاهم وأشدهم شكيمة في العناد ليستعطفك أو محناهم بكل محنة من القتل والجوع فما رؤي فيهم لين مقادة وهم كذلك حتى إذا عذبوا بنار جهنم فحينئذ يبلسون كقوله {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلِسُ المجرمون} [الروم: 12] {وَهُوَ الذى أَنْشَأَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة} خصهما بالذكر لأنها يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ما لا يتعلق بغيرها {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} أي تشكرون شكراً قليلاً. و{ما} مزيدة للتأكيد بمعنى حقاً، والمعنى إنكم لم تعرفوا عظم هذه النعم ووضعتموها غير مواضعها فلم تعملوا أبصاركم وأسماعكم في آيات الله وأفعاله، ولم تستدلوا بقلوبكم فتعرفوا المنعم ولم تشكروا له شيئا.


{وَهُوَ الذى ذَرَأَكُمْ} خلقكم وبثكم بالتناسل {فِى الأرض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم {وَهُوَ الذى يُحىِ وَيُمِيتُ} أي يحيى النسم بالإنشاء ويميتها بالإفناء {وَلَهُ اختلاف اليل والنهار} أي مجيء أحدهما عقيب الآخر واختلافهما في الظلمة والنور أو في الزيادة والنقصان وهو مختص به ولا يقدر على تصريفهما غيره {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} فتعرفوا قدرتنا على البعث أو فتستدلوا بالصنع على الصانع فتؤمنوا {بَلْ قَالُواْ} أي أهل مكة {مِثْلَ مَا قَالَ الأولون} أي الكفار قبلهم. ثم بين ما قالوا بقوله {قَالُواْ أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ} {متنا} نافع وحمزة وعلي وحفص.
{لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءابَاؤُنَا هذا} أي البعث {مِن قَبْلُ} مجيء محمد {إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين} جمع أسطار جمع سطر وهي ما كتبه الأولون مما لا حقيقة له وجمع أسطور أوفق.
ثم أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بإقامة الحجة على المشركين بقوله {قُل لّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} فإنهم {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} لأنهم مقرون بأنه الخالق فإذا قالوا {قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} فتعلموا أن من فطر الأرض ومن فيها كان قادراً على إعادة الخلق، وكان حقيقاً بأن لا يشرك به بعض خلقه في الربوبية. {أفلا تذكرون} بالتخفيف: حمزة وعلي وحفص، وبالتشديد: غيرهم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9